.................................................................................................
______________________________________________________
وإنّما هي ناظرة إلى المال التالف عرفاً لا إلى المال المعرض عنه ، حيث إنّ المال المغروق من أجل عدم تيسّر الوصول إليه عادةً يعدّ تالفاً في نظر العرف ، إذن فما تضمّنته من كونه للمخرج حكم تعبّدي في مورد خاصّ ، نظير ما ورد في اللقطة من جواز استملاك الشاة الملتقطة في البرّ من قوله (عليه السلام) في صحيحة هشام : «هي لك أو لأخيك أو للذئب» إلخ (١) ، غاية الأمر أنّ الحكم هناك لما هو في معرض التلف ، وفي المقام حكم للتالف ، وكلاهما حكم تعبّدي في مورد خاصّ ولا مساس له بباب الإعراض بوجه.
وعلى الجملة : لم يرد في مسألة الإعراض نصّ يعوّل عليه بعد أن كانت خلافيّة وذات قولين ، وإن كان المشهور ما عرفت من كونه مزيلاً للملك ، إلّا أنّ جماعة أُخرى ذهبوا إلى أنّه لا يترتّب عليه إلّا إباحة التصرّف لكلّ أحد ، التي هي المدلول الالتزامي لرفع اليد عن العين من غير أن تزول الملكيّة بمجرّد الإعراض.
وليس في البين أيّ دليل يتمسّك به إلّا السيرة العقلائيّة الممضاة بعدم الردع بعد أن كانت المسألة ممّا تعمّ بها البلوى.
والظاهر لدينا بعد مراجعة السيرة والتدقيق فيما استقرّ عليه بناء العرف والعقلاء عدم كون الإعراض مزيلاً للملك بحيث تكون الملكيّة تحت اختيار الشخص له إزالتها عن نفسه بمجرّد رفع اليد وإلقائه المال في البرّ مثلاً من دون وجود أيّ سبب شرعي مزيل ، ويكون بعدئذٍ بمثابة المباحات الأصليّة يسوغ لكلّ أحد تملّكه.
ألا ترى أنّه لو ندم عن إعراضه وعاد إليه وطالبه ممّن أخذه قبل أن
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٤٥٧ / كتاب اللقطة ب ١٣ ح ١.