كما في الصلاة بناءً على حرمة قطعها ، والحجّ بناءً على وجوب إتمامه ، فهل هو كما إذا فسخ بعد العمل أو لا؟ وجهان ، أوجههما الأوّل.
______________________________________________________
وما ذكره (قدس سره) هو الصحيح ، والوجه فيه ما ذكرناه في كتاب الحجّ (١) من أنّ باذل الزاد والراحلة لو رجع عن بذله بعد إحرام المبذول له بناءً على جواز الرجوع حينئذٍ كما هو الصحيح فإن لم يتمكّن المحرم من الإتمام كشف عن بطلان البذل وكان إحرامه كلا إحرام ، وأمّا لو تمكّن منه واستطاع على الإتيان ببقيّة الأعمال وجب عليه ذلك وإن كان الباذل قد رجع عن بذله ، لأنّه مستطيع وقتئذٍ فيجب عليه الإتمام.
ولكن هذا العمل الذي يجب إتمامه بما أنّه وقع بأمر من الباذل فلا جرم كان هو الضامن له ، إذ الأمر من موجبات الضمان بالسيرة العقلائيّة ، ويستحقّ العامل على الآمر اجرة المثل ، ولا فرق في ذلك بمقتضى عموم السيرة بين تعلّق الأمر بتمام العمل أو بالشروع في عمل لا بدّ من إتمامه إمّا تكويناً بحيث لا يمكنه رفع اليد كما لو أمره بدخول البحر أو نزول البئر لمعرفة مقدار عمقه مثلاً ، المستلزم للخروج منه قهراً وإمّا تشريعاً كالأمثلة المتقدّمة ، بعد وضوح أنّ الواجب الشرعي كالعقلي في اللابديّة ، فكما أنّ الأمر بالدخول أو النزول يستلزم الأمر بالخروج بالدلالة الالتزاميّة التبعيّة ، ومن ثمّ يكون ضامناً له أيضاً بالسيرة العقلائيّة ، فكذلك في الواجبات الشرعيّة بمناط واحد. إذن فيرجع إلى الباذل في مصارف الإتمام كما يرجع إلى الآمر في المقام.
وبالجملة : لا فرق في الضمان بالأمر بمقتضى عموم دليله وهو السيرة بين أن يعمل العمل ، وبين ما لا بدّ له أن يعمل عقلاً أو شرعاً ، فكما أنّه لو التفت
__________________
(١) شرح العروة ٢٨ : ٦١ ـ ٦٢.