.................................................................................................
______________________________________________________
أن يقال وقتئذٍ حقيقةً : إنّه باع داره ، فيضاف البيع إليه بعد الإجازة بعد ما كان فاقداً لهذه الإضافة ، فيندرج عندئذٍ تحت عمومات حلّ البيع والتجارة عن تراضٍ والوفاء بالعقد ، فلا جرم يكون صحيحاً ونافذاً.
وهذا التقرير كما ترى لا يعتبر فيه إلّا ملكيّة المجيز حال الإجازة ، وأمّا ملكيّته حال العقد فلا مدخليّة لها بوجه بعد أن لم يقم عليها أيّ دليل شرعي ، فإنّ المعاملة تتقوّم بالمعاوضة بين الطرفين عن تراضي المالكين إن عاجلاً أو آجلاً ، فمتى تحقّقت وقارنت أو تعقّبت بالرضا حكم بصحّتها ، سواء أكانت الملكيّة حاصلة حال العقد أم بعدها ، لتساوي الصورتين في ضابط الصحّة ومناطها.
نعم ، إنّ هناك روايات تضمّنت النهي عن بيع ما ليس عنده أو ما لا يملك ، وأنّه لا بيع إلّا في ملك ، فربّما يستدلّ بها على بطلان هذه المعاملة باعتبار أنّه لم يكن مالكاً حال البيع وإن ملك حال الإجازة فيحكم بفساده ، بل قد يستدلّ بها على البطلان في مطلق الفضولي نظراً إلى أنّه ليس بمالك لما يبيعه ، فبيعه منهي عنه فيفسد.
ولكنّا أشرنا في محلّه إلى أنّ المستفاد من هذه الروايات ولا سيّما في بعضها : «أليس إن شاء أخذ وإن شاء ترك؟» قلت : بلى «قال : لا بأس» (١) عدم نفوذ هذه المعاملة من غير المالك وعدم ترتّب الأثر ما دام كذلك ، لا عدم قابليّتها للصحّة حتى بعد الإجازة المصحّحة للإسناد والإضافة والموجبة لقلبها بقاءً من بيع غير المالك إلى بيع المالك ، فإنّها لا تكاد تدلّ على عدم الصحّة حتى في هذه الصورة بالضرورة. إذن فالأظهر كفاية الإجازة ممّن بيده الإجازة في كافّة المعاملات الفضوليّة بمقتضى القواعد الأوّلية ، فيحكم بنفوذها بعدها من غير حاجة إلى التماس دليل خاصّ.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٥٠ / أبواب أحكام العقود ب ٨ ح ٤.