.................................................................................................
______________________________________________________
اختصاص الصحّة بصورة القبض وإن أنشأ العقد مطلقاً ، إلّا أنّه لا دليل عليه في المقام ، لانحصاره في الأدلّة العامّة مثل وجوب الوفاء بالعقود ونحوه ، ومن المعلوم أنّها أدلّة إمضائيّة لا تأسيسيّة ، والإمضاء تابع لكيفيّة الإنشاء ، والمفروض أنّه أنشأ العقد مطلقاً فكيف يتعلّق الإمضاء بالمقيّد؟! فإنّ ما أنشأ لم يمض حينئذٍ ، وما أمضاه الشارع لم يكن مورداً للإنشاء.
وأمّا في الصورة الثانية : فلا يبعد الحكم بالصحّة ، نظراً إلى أنّ توهّم البطلان إمّا أن يستند إلى التعليق ، أو إلى الغرر ، ولا ثالث ، وكلاهما ليسا بشيء :
أمّا الأوّل : فلما هو المقرّر في محلّه من اختصاص التعليق المجمع على بطلانه في العقود بما إذا لم يكن العقد معلّقاً عليه في نفسه كنزول المطر والقدوم من السفر ، وإلّا فالتصريح في متن العقد بما هو معلّق عليه على كلّ حال لا ضير فيه ، كقوله : إن كان هذا ملكي فقد بعته ، وإن كنت زوجتي فأنتِ طالق ، والمقام من هذا القبيل ، لاختصاص ملكيّة المنفعة بصورة القدرة ، فتمليكها معلّقاً عليها في قوّة التمليك بشرط كونه مالكاً المعلّق عليه صحّة العقد في نفسه ، فلا مانع إذن من الإيجار معلّقاً ، ودليل الإمضاء يرد على هذا الإيجار المعلّق.
وأمّا الثاني : فلوضوح عدم وجود أيّ غرر في البين بعد عدم كونه ملزماً بهذا العمل المشكوك قدرته عليه بمقتضى فرض تعليقه وعدم تحكيم العقد وإبرامه ، فيحاول ويشرع ، فإن تمكّن فنعم المطلوب ، وكشف وقتئذٍ عن صحّة العقد واستحقاق الأُجرة ، وإلّا وقع عمله هدراً وتعبه سُدى ، ولا ضير فيه بعد أن حصل بإرادته واختياره لا بإلزامٍ من الغير وإيقاعه في الغرور ، كيف؟! وله الانصراف قبل أن يشرع معلّلاً بالشكّ في القدرة وعدم الاطمئنان بالنتيجة ، وإنّما يتحقّق الغرر فيما إذا كان ثمّة إلزام بالعمل. فالمقام نظير من يذهب باختياره إلى الصيد ولا يدري هل يصيب أو يرجع صفر الكفّ. إذن فيقوى الحكم بالصحّة في الصورة الثانية دون الاولى ، ويكون التفصيل هو الأوجه حسبما عرفت.