المصاعد. وهي الدرجات العالية والمراتب الرفيعة الّتي يعطيها الأنبياء والأولياء في الجنّة. أو المراد : مواضع عروج الملائكة في السماوات ، فإنّ الملائكة يعرجون فيها. ومنه : ليلة المعراج ، لأنّه عرج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى السماء فيها. أو الدرجات الّتي يصعد فيها الكلم الطيّب والعمل الصالح ، أو يترقّى فيها المؤمنون في سلوكهم.
ثمّ وصف المصاعد وبعد مداها في العلوّ والارتفاع ، فقال : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ) وقرأ الكسائي بالياء (وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أي : ارتفاع تلك المعارج بحيث لو قدرت الملائكة قطعها في زمان لكان في زمان مقدّر بخمسين الف سنة من سنيّ الدنيا.
وقيل : معناه : تعرج الملائكة والروح إلى عرشه في يوم كان مقداره كمقدار خمسين ألف سنة ، من حيث إنّهم يقطعون فيه ما يقطعه الإنسان فيها لو فرض. لا أنّ ما بين أسفل العالم وأعلى شرفات العرش مسيرة خمسين ألف سنة ، لأنّ ما بين مركز الأرض ومقعّر السماء الدنيا ـ على ما قيل ـ مسيرة خمسمائة عام ، وثخن كلّ واحد من السماوات السبع والكرسيّ والعرش كذلك. وحيث قال (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) (١) يريد به زمان عروجهم من الأرض إلى محدّب السماء الدنيا.
وقيل : معناه : إنّ أوّل نزول الملائكة إلى الدنيا ، وأمره ونهيه ، وقضائه بين الخلائق إلى آخر عروجهم إلى السماء ـ وهو القيامة ـ هذه المدّة. فيكون مقدار الدنيا خمسين ألف سنة ، لا يدري كم مضى وكم بقي ، وإنّما يعلمها الله عزوجل.
وقيل : في «يوم» متعلّق بـ «واقع» أو «سال» إذا جعل من السيلان. والمراد به يوم القيامة. واستطالته إمّا لشدّته على الكفّار ، أو لكثرة ما فيه من الحالات والمحاسبات ، أو لأنّه على الحقيقة كذلك. والروح جبرئيل. وإفراده لفضله. أو خلق أعظم من الملائكة ، هم حفظة على الملائكة ، كما أنّ الملائكة حفظة على الناس.
__________________
(١) السجدة : ٥.