ثمّ عطف سبحانه قصّة عيسى على قصّة موسى ، فقال : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ) لم يقل : يا قوم كما قال موسى ، لأنّه لا نسب له فيهم (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَ) في حال تصديقي لما تقدّمني (مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً) وفي حال تبشيري (بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي) والعامل في الحالين ما في الرسول من معنى الإرسال ، لا الجارّ ، لأنّه لغو ، إذ هو صلة للرسول ، فلا يجوز أن يعمل شيئا ، لأنّ حروف الجرّ لا تعمل بأنفسها ، ولكن بما فيها من معنى الفعل ، فإذا وقعت صلات لم تتضمّن معنى فعل ، فمن أين تعمل؟
(اسْمُهُ أَحْمَدُ) يعني : محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم. والمعنى : أنّ ديني التصديق بكتب الله وأنبيائه. فذكر أوّل الكتب المشهورة الّذي حكم به النبيّون والنبيّ الّذي هو خاتم النبيّين.
ولاسم أحمد معنيان :
أحدهما : أن يجعل مبالغة من الفاعل ، أي : هو أكثر حمدا لله من غيره.
والآخر : أن يجعل مبالغة من المفعول ، أي : يحمد بما فيه من الأخلاق والمحاسن أكثر ممّا يحمد غيره.
وصحّت الرواية عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ لي أسماء : أنا أحمد ، وأنا محمد ، وأنا الماحي الّذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الّذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الّذي ليس