كتبا من العلم يتعب في حملها ، ولا ينتفع بها. يعني : صفة اليهود ـ في أنّهم حملة التوراة وقرّاؤها ، وحفّاظ ما فيها ، ثمّ إنّهم غير عالمين بها ، ولا منتفعين بآياتها ، وذلك أنّ فيها نعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والبشارة به ، ولم يؤمنوا به ـ كصفة الحمار ، حمل كتبا من كتب العلم ، فهو يمشي بها ولا يدري منها إلّا ما يمرّ بجنبيه وظهره من الكدّ والتعب.
و «يحمل» حال ، والعامل فيه معنى المثل. أو صفة ، إذ ليس المراد من الحمار معيّنا ، كقوله : ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني.
(بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا) أي : مثل الّذين كذّبوا (بِآياتِ اللهِ) الدالّة على نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. ويجوز أن يكون «الّذين» صفة للقوم ، والمخصوص بالذمّ محذوفا ، وهو : مثلهم. (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي : لا يفعل بهم من الألطاف الّتي يفعلها بالمؤمنين الّذين بها يهتدون. وقيل : لا يثيبهم ولا يهديهم إلى الجنّة.
(قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨))
وبعد تبيين إنكار اليهود ما في التوراة ، سكّتهم بما كانوا يقولون : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (١) ، وألزمهم بقوله :
(قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا) تهوّدوا. من : هاد يهود إذا تهوّد.
__________________
(١) المائدة : ١٨.