(وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) وإلى حكمك المرجع. وهذا المنادي متّصل بما قبل الاستثناء ، أو أمر من الله للمؤمنين بأن يقولوه تتميما لما وصّاهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفّار.
(رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) بأن تسلّطهم علينا تخلية ، فيفتنونا بعذاب لا نتحمّله (وَاغْفِرْ لَنا) ما فرط منّا (رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) الّذي لا يغالب (الْحَكِيمُ) الّذي لا يفعل إلّا الحكمة والصواب. ومن كان كذلك كان حقيقا بأن يجير المتوكّل ، ويجيب الداعي ولا يخيبه.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) كرّره للمبالغة ، ولمزيد الحثّ على التأسّي بإبراهيم وأتباعه. وأبدل قوله : (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) إبدالا من «لكم» ، فإنّه يدلّ على أنّه لا ينبغي لمؤمن أن يترك التأسّي بهم ، وأنّ تركه مؤذن بسوء العقيدة. ولذلك عقّبه بقوله : (وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فإنّه جدير بأن يوعد به الكفرة ، فإنّ معناه : ومن يعرض عن هذا الاقتداء بإبراهيم والأنبياء والمؤمنين ، فإنّ الله هو الغنيّ عن ذلك ، المحمود في جميع أفعاله ، فلا يضرّه تولّيه ، ولكنّه ضرّ نفسه.
(عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧) لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩))