الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلاَّ لا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥))
ولمّا ختم الله سبحانه سورة المدّثّر بذكر القيامة وأنّ الكافر لا يؤمن بها ، افتتح هذه السورة بذكر القيامة وذكر أهوالها ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) قد شاع في كلام العرب إدخال «لا» النافية على فعل القسم للتأكيد.
وقيل : «لا» ردّ على الّذين أنكروا البعث والنشور ، فكأنّه قال : لا كما تظنّون ، ثمّ ابتدأ القسم فقال : أقسم بيوم القيامة إنّكم مبعوثون.
وقيل : معناه : لا أقسم بيوم القيامة ، لظهورها بالدلائل العقليّة والسمعيّة. وقد سبق الكلام في ذلك في قوله : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (١).
وقرأ قنبل : لأقسم بغير ألف بعد اللام. وكذلك روي عن البزّي ، على أنّ اللام لتأكيد القسم ، أو على تقدير : لأنا أقسم ، فخفّف.
(وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) بالنفس المتّقية الّتي تلوم النفوس المقصّرة في التقوى يوم القيامة على تقصيرها. أو النفس الّتي تلوم نفسها في الدنيا وتقول له : ماذا فعلت؟ ولم قصّرت؟ وإن اجتهدت في الطاعة ، فتكون مفكّرة في العواقب أبدا ، والفاجر لا يفكّر في أمر الآخرة. أو النفس المطمئنّة اللائمة للنفس الأمّارة. أو بالجنس ، لما روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ليس من نفس برّة ولا فاجرة إلّا وتلوم نفسها
__________________
(١) الواقعة : ٧٥.