(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٦))
ولمّا كان سبحانه متصرّفا في جميع ما سواه ، وعالم بكلّه ، فكلّ من فيهما يحقّ عليه أن يؤمن به ويعبده ويخشع له. فما نقموا منهم هو الحقّ الّذي لا ينقمه إلّا مبطل منهمك في الغيّ ، مستحقّ لانتقام الله منه بعذاب لا يعدله عذاب ، كما قال :
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) بلوهم ، بأن أحرقوهم وعذّبوهم بالنار (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) من فعلهم ذلك ، ومن الشرك الّذي كانوا عليه (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ) أنواع عذابه ـ كالزقّوم والغسلين والمقامع ـ بكفرهم (وَلَهُمْ) مع ذلك (عَذابُ الْحَرِيقِ) نار اخرى عظيمة زائدة في الإحراق. يعني : أنّ للفاتنين عذابين في الآخرة : لكفرهم ، ولفتنتهم. أو المعنى : لهم عذاب جهنّم في الآخرة ، ولهم عذاب الحريق في الدنيا ، لما روي أنّ النار انقلبت عليهم فأحرقتهم.
وعن الربيع بن أنس : لمّا ألقوا في النار نجّى الله المؤمنين من النار ، وأخرجت النار إلى من على شفير الأخدود من الكفّار فأحرقتهم.
ويجوز أن يريد الّذين فتنوا المؤمنين ، أي : بلوهم بالأذى على العموم ، والمؤمنين : المفتونين عموما.
ثمّ بشّر المؤمنين بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي