عبّاس : لا تخافون لله عاقبة ، لأنّ العاقبة حال استقرار الأمور وثبات الثواب والعقاب. من : وقر إذا ثبت واستقرّ.
(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) حال مقرّرة للإنكار ، من حيث إنّها موجبة للرجاء.
كأنّه قال : مالكم لا تؤمنون بالله والحال هذه ، فإنّها حال موجبة للإيمان به ، لأنّه خلقكم تارات ، أي : تارة بعد تارة وحالة بعد حالة ، بأن خلقكم أوّلا عناصر ، ثمّ مركّبات تغذّى بها الإنسان ، ثمّ نطفا ، ثمّ علقا ، ثمّ مضغا ، ثمّ عظاما ولحما ، ثمّ أنشأكم خلقا آخر ، وهو إيلاج الروح إلى البدن ، فإنّه يدلّ على أنّه يعيدكم تارة اخرى فيعطيكم الثواب ، وعلى أنّه تعالى عظيم القدرة تامّ الحكمة.
وقيل : معناه : خلقكم صبيانا ، ثمّ شبّانا ، ثمّ شيوخا.
وقيل : خلقكم مختلفين في الصفات ، أغنياء وفقراء ، وزمنى وأصحّاء ، وطوالا وقصارا. والآية محتملة للجميع.
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦) وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (١٨) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠))
ثمّ أتبع ذلك ما يؤيّده من آيات الآفاق ، فقال : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) طبقا فوق طبق (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) أي : في السماوات. وهو في السماء الدنيا ، وإنّما نسب إليهنّ لما بينهنّ من الملابسة ، من حيث إنّها طباق ، فجاز أن يقال : فيهنّ كذا ، وإن لم يكن في جميعهنّ ، كما يقال : في المدينة كذا ، وهو