فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠) وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١))
اعلم أنّ الله سبحانه أبطل قول اليهود في ثلاث : أحدها : افتخروا بأنّهم أولياء الله وأحبّاؤه ، فكذّبهم في قوله : (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). وثانيها : افتخروا بأنّهم أهل الكتاب ، والعرب لا كتاب لهم ، فشبّههم بالحمار يحمل أسفارا. وثالثها : افتخروا بالسّبت ، وأنّه ليس للمسلمين مثله ، فشرع الله لهم الجمعة ، فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ) أي : أذّن لها. ووقت الأذان عند قعود الامام. وقد كان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مؤذّن واحد ، فكان إذا جلس على المنبر أذّن على باب المسجد ، فإذا نزل أقام الصلاة. ثمّ كان أبو بكر وعمر على ذلك إلى زمن عثمان ، وكثر الناس وتباعدت المنازل ، فزاد مؤذّنا آخر ، فأمر بالتأذين الأوّل على داره الّتي تسمّى الزوراء ، فإذا جلس على المنبر أذّن المؤذّن الثاني ، فإذا نزل أقام للصلاة ، ولم يعب ذلك عليه. وعند الإماميّة : الأذان الثاني حرام من جملة بدع عثمان.
وقوله : (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) بيان لـ «إذا» وتفسير له. وإنّما سمّاه جمعة لاجتماع الناس فيه للصلاة. وكانت العرب قبل الإسلام تسمّيه العروبة. وقيل : سمّاه كعب بن لؤي ، لاجتماع الناس فيه إليه.
وروي عن ابن سيرين : أنّ أهل المدينة جمّعوا قبل أن يقدم إليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقبل أن تنزل سورة الجمعة ، وقالوا : لليهود يوم يجتمعون فيه كلّ سبعة أيّام ، وللنصارى مثل ذلك ، فهلمّوا نجعل لنا يوما نجتمع فيه ، فنذكر الله فيه ونصلّي.