(إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ) أي : إن كان قولكم (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) حقّا ، وكنتم على ثقة منه (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) فتمنّوا من الله أن يميتكم وينقلكم سريعا من دار البليّة إلى محلّ دار الكرامة الّتي أعدّها لأوليائه (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في زعمكم.
ثمّ أخبر سبحانه عن حالهم في كذبهم ، وأنّهم غير واثقين بما يقولون ، فقال : (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) بسبب ما قدّموا من الكفر والمعاصي (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) فيجازيهم على أعمالهم. وقد قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «والّذي نفسي بيده لا يقولها أحد منهم إلّا غصّ بريقه».
فلولا أنّهم كانوا مؤمنين بصدق رسول الله لتمنّوا ، ولكنّهم علموا أنّهم لو تمنّوا لماتوا من ساعتهم ولحقهم الوعيد ، فما تمالك أحد أن يتمنّى. وبرواية اخرى عنه : «لو تمنّوا لماتوا عن آخرهم». وهي إحدى المعجزات.
(قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) ولا تجسرون أن تتمنّوه خيفة أن تؤخذوا بوبال كفركم (فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) لاحق بكم لا تفوتونه. والفاء لتضمّن الاسم معنى الشرط باعتبار الوصف. ويجوز أن يكون الموصول خبرا ، ثمّ استؤنف : إنّه ملاقيكم. والفاء للعطف ، للدلالة على أنّ الفرار لا ينفع منه الموت ، بل بمنزلة السبب في ملاقاته ، فلا معنى للتعرّض للفرار ، فكأنّه سبب الملاقاة ، لأنّه لا يباعد منه. وإلى هذا المعنى
أشار أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله : «كلّ امرئ لاق ما يفرّ منه ، والأجل مساق النفس ، والهرب منه موافاته».
(ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) يعلم سرّكم وعلانيتكم يوم القيامة (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بأن يجازيكم عليه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ