التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠) كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (٢٦))
ثمّ وصل بقوله : (لَبِالْمِرْصادِ) قوله : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ) كأنّه قيل : إنّ الله تعالى لا يريد من الإنسان إلّا الطاعة والسعي للعاقبة ، وهو مرصد بالعقوبة للعاصي ، فأمّا الإنسان فلا يريد ذلك ، ولا يهمّه إلّا العاجلة وما يلذّه وينعمه فيها ، لأنّه (إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ) اختبره بالغنا واليسر (فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ) بالجاه والمال (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) بما أعطاني ، إترافا والتذاذا ومرحا واختيالا بلا مقابلته بالشكر.
وهذا خبر المبتدأ الّذي هو الإنسان. والفاء لما في «أمّا» من معنى الشرط. والظرف المتوسّط في تقدير التأخير. كأنّه قيل : فأمّا الإنسان فقائل : ربّي أكرمني وقت ابتلائه بالإنعام. وكذا قوله : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) إذ التقدير : وأمّا الإنسان وقت ما ابتلاه بالفقر والتقتير ، ليوازن قسيمه ، فإنّ حقّ التوازن أن يقابل الواقعان بعد «أمّا» و «أمّا» ، كما تقول : أمّا الإنسان فكفور ، وأمّا الملك فشكور. أمّا إذا أحسنت إلى زيد فهو محسن إليك ، وأمّا إذا أسأت إليه فهو مسيء إليك. فعلم أنّ قوله : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ) في تقدير : وأمّا الإنسان إذا ابتلاه ، أي : وقت ابتلائه بالفقر.