يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٣))
ولمّا ختم الله سبحانه سورة التغابن بذكر النساء والتحذير منهنّ ، افتتح هذه السورة بذكرهنّ وذكر أحكامهنّ وأحكام فراقهنّ ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) ناداه بهذا النداء تشريفا له ، وتعليما لعباده كيف يحاورونه في أثناء محاوراتهم ، ويذكرونه في خلال كلامهم.
وخصّ النداء وعمّ الخطاب بالحكم ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إمام أمّته وقدوتهم ، كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم : يا فلان افعلوا كيت وكيت ، إظهارا لتقدّمه ، واعتبارا لترؤّسه ، ونظرا إلى أنّه الّذي يصدرون عن رأيه ، ولا يستبدّون بأمر دونه ، فكان هو وحده في حكم كلّهم ، وسادّا مسدّ جميعهم ، فنداؤه كندائهم.
وعن الجبائي : تقديره : قل إذا طلّقتم. أو لأنّ الكلام معه ، والحكم يعمّهم.
وهذا أحسن الوجوه. ولا يلزم خروجه عن الحكم على هذا الوجه ، لأنّه إنّما جعله صلىاللهعليهوآلهوسلم آمرا تنزيها له عن فعل المكروه بغير داع يدعو إليه ، فإنّ الطلاق من غير داع مكروه ، لكونه خلاف النكاح المرغوب ، ولما رواه الثعلبي عن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «تزوّجوا ولا تطلّقوا ، فإنّ المطلّق يهتزّ منه العرش».
وعن ثوبان يرفعه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس ، فحرام عليها رائحة الجنّة».
والمعنى : إذا أردتم تطليقهنّ ، على تنزيل المقبل على الأمر المشارف له منزلة