اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (٢٦) إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (٢٧) نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً (٢٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٢٩) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠) يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٣١))
ثمّ أمر سبحانه نبيّه بالصبر عن التأذّي من أقوال الكفّار وأفعال الأشرار ، فقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) مفرّقا منجّما لحكمة اقتضته. وتكرير الضمير مع «أنّ» فيه تأكيد على تأكيد لمعنى اختصاص الله بالتنزيل ، ليتقرّر في نفس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه إذا كان هو المنزّل لم يكن تنزيله على أيّ وجه إلّا حكمة وصوابا. كأنّه قيل : ما نزّل عليك القرآن تنزيلا مفرّقا منجّما إلّا أنا لا غيري ، وقد عرفتني حكيما فاعلا لكلّ ما أفعله بدواعي الحكمة. ولقد دعتني حكمة بالغة إلى أن أنزل عليك الأمر بالمكافّة والمصابرة ، وسأنزل عليك الأمر بالانتقام والقتال بعد حين.
(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) الصادر عن الحكمة الّتي من جملتها تعليقه الأمور بالمصالح ، وتأخير نصرك على كفّار مكّة وغيرهم (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) أي : كلّ واحد من مرتكب الإثم الداعي لك إليه ، ومن الغالي في الكفر الداعي لك إليه ، فإنّهم إمّا أن يدعوه إلى مساعدتهم على فعل هو إثم أو كفر ، أو غير إثم ولا كفر ، فنهي أن لا يساعدهم على الاثنين دون الثالث.