الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (٩) وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (١٠) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً (١٤))
ولمّا ختم الله سورة الجنّ بذكر الرسل ، افتتح هذه السورة بذكر نبيّنا خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) أصله : المتزمّل ، وهو الّذي تزمّل في ثيابه ، أي : تلفّف بها ، فأدغم التاء في الزاي. ونحوه : المدّثّر في المتدثّر.
سمّي به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تهجينا لما كان عليه ، فإنّه كان نائما ، أو مرتعدا ممّا دهشه من بدء الوحي ، متزمّلا في قطيفة ، وذلك قبل التبليغ ، ولمّا بلّغ خوطب بالنبيّ والرسول.
وقيل : دخل على خديجة ، وقد جئث (١) فرقا وخوفا أوّل ما أتاه جبرئيل على صورته الأصليّة ، وبوادره (٢) ترعد ، فقال : زمّلوني زمّلوني ، وحسب أنّه عرض له ، فبينا هو على ذلك إذ ناداه جبرئيل : يا أيّها المزّمّل.
أو تحسينا (٣) له ، إذ روي : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصلّي متلفّفا بمرط (٤) مفروش على عائشة ، فأمر بأن يدوم على ذلك ويواظب عليه.
__________________
(١) جئث جأثا : فزع.
(٢) البوادر جمع البادرة : اللحمة بين المنكب والعنق.
(٣) عطف على قوله : تهجينا ، قبل ستّة أسطر.
(٤) المرط : كساء من صوف ونحوه يؤتزر به. كلّ ثوب غير مخيط.