مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥))
واعلم أنّه سبحانه لمّا ذكر في سورة الطلاق أحكام النساء في الطلاق وغيره ، افتتح هذه السورة بأحكامهنّ.
وقد اختلف أقوال المفسّرين في سبب نزول هذه السورة.
فقيل : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا صلّى الغداة يدخل على أزواجه امرأة امرأة ، وكان قد أهديت لحفصة بنت عمر بن الخطّاب عكّة (١) من عسل ، وكانت إذا دخل عليها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مسلّما حبسته وسقته منها. وإنّ عائشة أنكرت احتباسه عندها ، فقالت لجويرية حبشيّة عندها : إذا دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على حفصة فادخلي عليها ، فانظري ماذا تصنع. فأخبرتها الخبر وشأن العسل. فغارت عائشة وأرسلت إلى صواحبها فأخبرتهنّ ، وقالت : إذا دخل عليكنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلن : إنّا نجد منك ريح المغافير ، وهو صمغ العرفط (٢) كريه الرائحة.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يكره ويشقّ عليه أن يوجد منه ريح غير طيّبة ، لأنّه يأتيه الملك.
قال : فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على سودة. قالت : فما أردت أن أقول ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ إنّي فرقت من عائشة فقلت : يا رسول الله ما هذه الريح الّتي أجدها منك ، أكلت المغافير؟ فقال : لا ، ولكن حفصة سقتني عسلا. ثمّ دخل على امرأة امرأة ، وهنّ يقلن له ذلك.
ثمّ دخل على عائشة ، فأخذت بأنفها. فقال لها : ما شأنك؟ قالت : أجد ريح
__________________
(١) العكّة : وعاء أصغر من القربة.
(٢) العرفط : شجر من العضاه. والواحدة : عرفطة. والعضاه : كلّ شجر يعظم وله شوك.