فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (٦) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (٩) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (١٢) ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤))
ولمّا ختم الله سبحانه سورة المعارج بوعيد أهل التكذيب ، افتتح هذه السورة بذكر قصّة نوح وقومه وما نالهم بالتكذيب ، تسلية لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) بأن أنذرهم ، فحذف الجارّ وأوصل الفعل. وهي «أن» الناصبة للفعل. والمعنى : أرسلناه بأن قلنا له : أنذر ، أي : بالأمر بالإنذار. ويجوز أن تكون مفسّرة ، لتضمّن الإرسال معنى القول. والتقدير : قلنا له : أنذرهم. (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) عذاب الآخرة ، أو الطوفان.
(قالَ يا قَوْمِ) أضافهم إلى نفسه ، فكأنّه قال : أنتم عشيرتي يسوءني ما يسوءكم (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) مرّ في الشعراء (١) نظيره. وفي «أن» يحتمل الوجهان.
__________________
(١) راجع ج ٥ ص ٣٨ ، ذيل الآية (١٠٨)