ثمّ حضّ المؤمنين على نصرة دينه ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ) وقرأ الحجازيّان وأبو عمرو بالتنوين واللام ، لأنّ المعنى : كونوا بعض أنصار الله (كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) التشبيه محمول على المعنى. والمراد : كونوا أنصار الله ، كما كان الحواريّون أنصار عيسى حين قال لهم. أو المراد : قل لهم كما قال عيسى للحواريّين : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) أي : من جندي متوجّها إلى نصرة الله؟ ليطابق قوله : (قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ).
والإضافة الأولى إضافة أحد المتشاركين إلى الآخر ، لما بينهما من الاختصاص. والثانية إضافة الفاعل إلى المفعول. فمعنى «من أنصاري» : من الأنصار الّذين يختصّون بي ، ويكونون معي في نصرة الله؟ ومعنى (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) : نحن الّذين ينصرون الله. ولا يجوز أن يكون معنى الأوّل : من ينصرني مع الله ، لأنّه لا يطابق الجواب.
والحواريّون : أصفياء عيسى ، فإنّ حواريّ الرجل صفيّه وخلصانه.
من الحور ، وهو البياض الخالص. وقيل : كانوا قصّارين يحوّرون الثياب ، أي : يبيّضونها. ونظير الحواريّ في زنته : الحواليّ ، بمعنى : الكثير الحيل.
وقيل : كانوا يلبسون الثياب البيض. وهم أوّل من آمن به ، وكانوا اثني عشر رجلا.
(فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) بعيسى (وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ) به. وذلك أنّه