ونحوه قوله : (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) (١). والمعنى : نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ثمّ كفروا حيثما سمعوا من شياطينهم شبهة. أو نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام ، كقوله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (٢).
(فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) خذلانا وتخلية ، فمنع اللطف والتوفيق منهم ، لفرط عنادهم وجحودهم ، مع ظهور الحقّ عندهم ، حتّى تمرّنوا على الكفر فاستحكموا فيه ، فجسروا فيه على كلّ عظيمة (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) حقيقة الإيمان ، ولا يعرفون صحّته.
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤))
روي : أنّ عبد الله بن أبيّ كان جسيما صبيحا فصيحا ذلق (٣) اللسان ، يحضر مجلس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جمع من المنافقين في مثل صفته ، وهم رؤساء المدينة ، وكانوا يحضرون مجلس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيستندون فيه ، ولهم جهارة (٤) المناظر وفصاحة الألسن ، فكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن حضر يعجبون بهياكلهم ، ويسمعون إلى
__________________
(١) التوبة : ٦٦.
(٢) البقرة : ١٤.
(٣) لسان ذلق : طلق ذو حدّة.
(٤) الجهارة : حسن القدّ والمنظر.