كلامهم ، فقال سبحانه :
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) لضخامتها وصباحتها. والخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو لكلّ من يخاطب. (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) لذلاقتهم وحلاوة كلامهم (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) حال من الضمير المجرور في «لقولهم» أي : تسمع لما يقولونه مشبّهين بأخشاب منصوبة مسندة إلى الحائط ، في كونهم أشباحا خالية عن العلم والنظر والإيمان وإذاعة الخير.
وقيل : شبّهوا بالخشب. لأنّه إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظانّ الانتفاع ، وما دام متروكا فارغا غير منتفع به أسند إلى الحائط فشبّهوا به في عدم الانتفاع.
ويجوز أن يراد بالخشب المسنّدة : الأصنام المنحوتة من الخشب المسنّدة إلى الحيطان. شبّهوا بها في حسن صورهم وقلّة جدواهم.
وقرأ أبو عمرو والكسائي وقنبل عن ابن كثير بسكون الشين على التخفيف ، أو على أنّه كبدن جمع بدنة.
وقيل : الخشب جمع الخشباء ، وهي الخشبة الّتي دعر (١) جوفها. شبّهوا بها في حسن المنظر وفساد الباطن.
(يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ) من نحو انفلات دابّة ، أو إنشاد ضالّة ، أو نداء مناد في العسكر ، أو صيحة أحدهم بصاحبه (عَلَيْهِمْ) أي : واقعة عليهم وضارّة لهم ، لجبنهم واتّهامهم. وقيل : كانوا على وجل من أن ينزل الله فيهم ما يهتك أستارهم ، ويبيح دماءهم وأموالهم. فـ «عليهم» ثاني مفعولي «يحسبون». ويجوز أن يكون صلته ، والمفعول (هُمُ الْعَدُوُّ). وعلى هذا يكون الضمير للكلّ. وجمعه بالنظر إلى الخبر. لكن ترتّب قوله : (فَاحْذَرْهُمْ) عليه يدلّ على أنّ الضمير للمنافقين.
__________________
(١) دعر العود : نخر وفسد.