(وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) على طريقة الإسلام (وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) على وجه تعيّن في الإسلام (وَذلِكَ) الّذي تقدّم ذكره (دِينُ الْقَيِّمَةِ) دين الملّة القيامة.
دلّت هذه الآية على بطلان مذهب أهل الجبر ، لأنّ فيها تصريحا بأنّه سبحانه إنّما خلق الخلق ليعبدوه مخلصا عن الشرك. وعلى وجوب النيّة في الطهارة ، إذ أمر الله بالعبادة على وجه الإخلاص ، ولا يمكن الإخلاص إلّا بالنيّة والقربة. والطهارة عبادة ، فلا تجزي بغير نيّة ، خلافا لبعض العامّة.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨))
ثمّ ذكر سبحانه حال الفريقين بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) أي : يوم القيامة ، أو في الحال ، لملابستهم ما يوجب ذلك. واشتراك الفريقين في جنس العذاب لا يوجب اشتراكهما في نوعه ، فيمكن أن يختلف ، لتفاوت كفرهما. (أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) الخليقة. وقرأ نافع : البريئة بالهمزة ، على الأصل.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) فيها مبالغات : تقديم المدح ، وذكر الجزاء المؤذن بأنّ ما منحوا في مقابلة ما وصفوا به ، والحكم عليه بأنّه من «عند ربّهم» ، وجمع جنّات ، وتقييدها إضافة ووصفا بما يزداد لها نعيما ، وتأكيد