بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥))
ولمّا ختم سبحانه سورة الطارق بذكر الوعيد والتهديد للكفّار ، افتتح هذه السورة بذكر صفاته العلى وقدرته على ما يشاء ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) نزّه اسمه عمّا لا يصحّ فيه ، من المعاني الّتي هي الإلحاد في أسمائه بالتأويلات الزائغة ، مثل أن يفسّر الأعلى بمعنى العلوّ الّذي هو القهر والاقتدار على كلّ شيء ، لا بمعنى العلوّ في المكان والاستواء على العرش حقيقة ، كما هو مذهب المشبّهة. ومن إطلاقه على غيره راعما أنّهما فيه سواء ، كعبدة الأصنام. ومن أن يصان عن الابتذال والذكر لا على وجه الخشوع والتعظيم. ويجوز أن يكون الأعلى صفة للربّ ، والاسم باعتبار المسمّى.
وعن عقبة بن عامر الجهنيّ قال : «لمّا نزلت (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (١) قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : اجعلوها في ركوعكم. فلمّا نزلت (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال : اجعلوها في سجودكم. وكانوا يقولون في الركوع : اللهمّ لك ركعت ، وفي السجود : اللهمّ لك سجدت».
(الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) خلق كلّ شيء فسوّى خلقه ، بأن جعل له ما به يتأتّى كماله من الإحكام والاتّساق ، على وجه يدلّ على أنّه صادر من قدير
__________________
(١) الحاقّة : ٥٢.