أحد. (فَأَمَّا مَنْ طَغى) تجاوز الحدّ الّذي حدّه الله له ، وارتكب المعاصي العظيمة حتّى كفر (وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا) انهمك فيها ، ولم يستعدّ للآخرة بالعبادة وتهذيب النفس. والإيثار إرادة الشيء على طريقة التفضيل له على غيره. (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) مأواه. واللام فيه سادّة مسدّ الإضافة ، للعلم بأنّ صاحب المأوى هو الطاغي.
(وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) مقام مساءلة ربّه عمّا يجب عليه فعله أو تركه (وَنَهَى النَّفْسَ) النفس الأمّارة بالسوء (عَنِ الْهَوى) عن اتّباع الشهوات وزجرها عنه ، وضبطها بالصبر والتوطين على إيثار الخير ، لعلمه بأنّه مرد (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) ليس له سواها مأوى.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (٤٦))
ثمّ خاطب نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) استهزاء وإنكارا (أَيَّانَ مُرْساها) متى إرساؤها. أي : إقامتها وإثباتها ، بأن يقيمها الله ويثبتها ويكوّنها. أو منتهاها ومستقرّها ، كما أنّ مرسى السفينة مستقرّها حيث تنتهي إليه وتستقرّ فيه.
(فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) في أيّ شيء أنت من أن تذكر وقتها لهم ، أي : ما أنت من ذكرها لهم وتبيين وقتها في شيء ، فإنّ ذكرها لا يزيدهم إلّا غيّا ، ووقتها ممّا استأثره الله بعلمه. وروي : أنّه لم يزل رسول الله يذكر الساعة يسأل عنها حتّى نزلت. فهو على هذا تعجّب من كثرة ذكره لها ، كأنّه قيل : في أيّ شغل واهتمام أنت