(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣))
ثمّ ذكر سبحانه المكذّبين بالقرآن ، فقال : (قُتِلَ الْإِنْسانُ) أهلك ولعن. دعاء عليه بأشنع الدعوات ، لأنّ القتل قصارى شدائد الدنيا وفظائعها. (ما أَكْفَرَهُ) تعجّب من إفراطه في كفران الله ونعمته. وهو مع قصره يدلّ على سخط عظيم وذمّ بليغ. قال صاحب الكشّاف : «ولا ترى أسلوبا أغلظ منه ، ولا أخشن مسّا ، ولا أدلّ على سخط ، ولا أبعد شوطا في المذمّة ، مع تقارب طرفيه ، ولا أجمع للأئمّة على قصر متنه» (١).
واللام إشارة إلى كلّ كافر. وعن الضحّاك : هو أميّة بن خلف. وقيل : عتبة بن أبي لهب ، إذ قال : كفرت بربّ النجم إذا هوى.
ثمّ بيّن وصف حاله من ابتداء حدوثه إلى أن انتهى ، وما هو مغمور فيه من أصول النعم وفروعها ، وما هو غارز فيه رأسه من الكفران والغمط وقلّة الالتفات ، إلى ما يتقلّب فيه ، وإلى ما يجب عليه من القيام بالشكر ، فقال :
(مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) الاستفهام للتحقير ، أي : أيّ شيء حقير مهين خلقه؟ ولذلك أجاب عنه بقوله : (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) فهيّأه لما يصلح له ويختصّ به من الأعضاء والأشكال. أو فقدّره أطوارا إلى أن تمّ خلقته.
(ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) ثمّ سهّل مخرجه من بطن أمّه ، بأن فتح فوهة (٢) الرحم ،
__________________
(١) الكشّاف ٤ : ٧٠٣.
(٢) فوهة الشيء وفوّهته : فمه.