وعن عمر : أنّه قرأ هذه الآية فقال : كلّ هذا قد عرفنا ، فما الأبّ؟ ثمّ رفض (١) عصا كانت بيده وقال : هذا لعمر الله التكلّف. ثمّ قال : اتّبعوا ما تبيّن لكم من هذا الكتاب ، وما لا فدعوه.
(مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) تمتيعا لكم ولمواشيكم ، فإنّ الأنواع المذكورة بعضها طعام وبعضها علف.
(فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١) أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (٤٢))
ولمّا بيّن النشأة الأولى وتوابعها ذكر أحوال النشأة الآخرة ، فقال : (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) أي : النفخة. يقال : صخّ لحديثه ، مثل : أصاخ له. وصفت النفخة بها مجازا ، لأنّ الناس يصخّون لها ، أي : يصيحون. وعن ابن عبّاس : سمّيت بذلك ، لأنّها تصخّ الآذان ، أي : تبالغ في إسماعها حتّى تكاد تصمّها.
(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) لاشتغاله بشأنه ، وعلمه بأنّهم لا ينفعونه. وقيل : للحذر من مطالبتهم بما قصّر في حقّهم. فيقول الأخ :
__________________
(١) رفض الشيء : رماه وتركه.