لم تواسني بمالك. والأبوان : قصّرت في برّنا. والصاحبة : أطعمتني الحرام ، وفعلت وصنعت كذا وكذا. والبنون : لم تعلّمنا ولم ترشدنا. وبدأ بالأخ ثمّ بالأبوين ، لأنّهما أقرب منه ، ثمّ بالصاحبة والبنين ، لأنّهم أقرب وأحبّ. كأنّه قيل : يفرّ من أخيه ، بل من أبويه ، بل من صاحبته وبنيه.
(لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) أمر عظيم يشغله عن الأقرباء ، ويصرفه عنهم ، ويكفيه في الاهتمام به ، أي : ليس فيه فضل لغيره ، لما هو فيه من الأمر الّذي قد اكتنفه وملأ صدره ، فصار كالغنيّ عن الشيء في أمر نفسه لا ينازع إليه.
وروي عن عطاء بن يسار ، عن سودة زوجة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قالت : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يبعث الناس حفاة عراة غرلا (١) ، يلجمهم العرق ، ويبلغ شحمة الآذان.
قالت : قلت : يا رسول الله ؛ وا سوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض؟! قال : شغل الناس عن ذلك ، وتلا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لكلّ امرئ يومئذ شأن يغنيه».
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) مضيئة. من : أسفر الصبح إذا أضاء. وعن ابن عبّاس : من قيام الليل ، لما روي من الحديث : «من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار». وعن الضحّاك : من آثار الوضوء. وقيل : من طول ما اغبرّت في سبيل الله. (ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) لما ترى من النعيم.
(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ) غبار وكدورة ، كالدخان يعلوها (تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) يعلوها ويغشاها سواد وظلمة. ولا ترى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه ، كما ترى في وجوه الزنوج إذا اغبرّت.
(أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) الّذين جمعوا إلى الكفر الفجور ، فلذلك يجمع إلى سواد وجوههم الغبرة.
__________________
(١) غرل الصبيّ : لم يختن. فهو أغرل. والجمع : غرل.