(٥٣) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦))
(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) من طاعة أو معصية (رَهِينَةٌ) مرهونة عند الله غير مفكوك. مصدر ، كالشتيمة بمعنى الشتم ، كأنّه قال : كلّ نفس بما كسبت رهن ، أي : مرهونة محبوسة مطالبة. ولو كانت صفة لقيل : رهين ، لمساواة فعيل بمعنى المفعول في التذكير والتأنيث.
(إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) فإنّهم فكّوا رقابهم بما أحسنوا من أعمالهم ، كما يخلّص الراهن رهنه بأداء الحقّ. وروي عن عليّ عليهالسلام أنّه فسّرهم بالأطفال ، لأنّهم لا أعمال لهم يرتهنون بها.
وعن ابن عبّاس : هم الملائكة. وعن الباقر عليهالسلام : «هم نحن وشيعتنا».
(فِي جَنَّاتٍ) لا يكتنه وصفها. وهي حال من (أَصْحابَ الْيَمِينِ) أو من ضميرهم في قوله : (يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ) أي : يسأل بعضهم بعضا حال كونهم ساكنين في جنّات عن حال المجرمين وعن ذنوبهم الّتي استحقّوا بها النار. أو يسألون غيرهم عن حالهم ، كقولك : تداعيناه ، أي : دعوناه.
وقوله : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) بجوابه حكاية قول المسؤولين عنهم ، لأنّ المسؤولين يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين ، فيقولون : قلنا لهم : ما سلككم في سقر (قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) إلّا أنّ الكلام جيء به على الحذف والاختصار ، كما هو نهج التنزيل في غرابة نظمه. فلا يقال : كيف طابق قوله : «ما سلككم» وهو سؤال للمجرمين قوله : (يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ) وهو سؤال عنهم ، وإنّما كان يتطابق ذلك لو قيل : يتساءلون المجرمين ما سلككم؟ والمراد بالصلاة الصلاة الواجبة كما لا يخفى.