قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥))
ولمّا ختم الله سبحانه سورة البلد بذكر النار المؤصدة ، بيّن في هذه السورة أنّ النجاة منها لمن زكّى نفسه ، وأكّده بأن أقسم عليه ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَالشَّمْسِ وَضُحاها) قد تقدّم أنّ الله سبحانه له أن يقسم بماء شاء من خلقه ، تنبيها على عظيم قدرته وكثرة الانتفاع بخلقه. ولمّا كان قوام العالم من الحيوان والنبات بطلوع الشمس وغروبها ، أقسم بها وبضحاها ، وهو امتداد ضوئها ، وانبساط إشراقها ، وقيام سلطانها. ولذلك قيل : وقت الضحى ، وكأنّ وجهه شمس الضحى. وقيل : الضحوة ارتفاع النهار ، والضحى فوق ذلك.
والضحاء ـ بالفتح والمدّ ـ إذا امتدّ النهار وقرب أن ينتصف.
(وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) تبعها فأخذ من ضوئها ، وسار خلفها. أو تلا طلوعه طلوعها أوّل الشهر. أو تلا طلوعه عند غروبها ليلة البدر ، آخذا من نورها. وقيل : إذا استدار فتلاها في الضياء والنور.
(وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) جلّى الشمس ، فإنّها تتجلّى تمام الانجلاء إذا انبسط النهار ، فكأنّه مجلّيها. وقيل : إذا جلّى الظلمة ، أو الدنيا ، أو الأرض ، وإن لم يجر ذكرها ، كقولهم : أصبحت باردة ، يردون : الغداة ، وأرسلت المطر ، يريدون : السماء.
(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) يغشى الشمس فيغطّي ضوءها ، أو الآفاق ، أو الأرض.