إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠))
ولمّا ختم الله سورة الفجر بذكر النفس المطمئنّة ، بيّن في هذه السورة وجه الاطمينان ، وأنّه النظر في طريق معرفة الله تعالى ، وأكّد ذلك بالقسم ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) بمكّة (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) أقسم سبحانه بالبلد الحرام ، وقد قيّده بحلول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه ، إظهارا لمزيد فضله ، وإشعارا بأنّ شرف المكان بشرف أهله.
وقيل : «حلّ» أي : مستحلّ تعرّضك فيه ، كما يستحلّ تعرّض الصيد في غير الحرم. كما روي عن شرحبيل معناه : يحرّمون أن يقتلوا بها صيدا ، ويعضدوا بها شجرة ، ويستحلّون إخراجك وقتلك.
وفيه تثبيت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبعث على احتمال ما كان يكابد من أهل مكّة ، وتعجيب من حالهم في عداوته.
ومثل ذلك مرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام ، فإنّه قال : «كانت قريش تعظّم البلد ، وتستحلّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه ، فقال سبحانه : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ). يريد : أنّهم استحلّوك فيه ، فكذّبوك وشتموك ، وكانوا لا يأخذ الرجل منهم فيه قاتل أبيه ، ويتقلّدون لحاء (١) شجر الحرم ، فيأمنون بتقليدهم إيّاه ، فاستحلّوا
__________________
(١) اللحاء : قشر العود أو الشجرة.