الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤))
ولمّا ختم الله سبحانه سورة المجادلة بذكر حزب الشيطان وحزب الله تعالى ، افتتح هذه السورة بقهره حزب الشيطان ، وهم بنو النضير من اليهود ، وما نالهم من الخزي والهوان ، ونصرة حزبه من أهل الإيمان.
وبيان ذلك : أنّ النبيّ لمّا قدم المدينة صالح بني النضير على أن لا يكونوا عليه ولا له. فلمّا ظهر يوم بدر قالوا : هو النبيّ المنعوت في التوراة ، لا تردّ له راية.
فلمّا هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا ، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكّة ، فأتوا قريشا وحالفوهم وعاقدوهم على أن تكون كلمتهم واحدة على محمّد. ثمّ دخل أبو سفيان في أربعين ، وكعب في أربعين من اليهود المسجد الحرام ، وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار والكعبة ثمّ رجع كعب بن الأشرف وأصحابه إلى المدينة.
ونزل جبرئيل فأخبر النبيّ بما تعاقد عليه كعب وأبو سفيان ، وأمره بقتل كعب بن الأشرف ، فقتله محمد بن مسلمة الأنصاري ، وكان أخاه من الرضاعة. فخرج ومعه سلكان بن سلامة ، وثلاثة من بني الحرث. وخرج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على أثرهم على حمار مخطوم (١) بليف ، وجلس في موضع ينتظر رجوعهم. فذهب محمد بن مسلمة مع القوم إلى قرب قصره ، وأجلس قومه عند جدار ، وناداه : يا كعب. فانتبه وقال : من أنت؟
__________________
(١) أي : مشدود بليف. ومنه : الخطام ، وهو حبل يجعل في عنق البعير.