المغافير ، أكلتها يا رسول الله؟ قال : لا ، بل سقتني حفصة عسلا. فقالت : جرست (١) إذا نحلها العرفط. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا أطعمه أبدا. فحرّمه على نفسه.
وعن عطاء بن أبي مسلم : أنّ الّتي كانت تسقي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم العسل أمّ سلمة. وقيل : بل كانت زينب بنت جحش.
قالت عائشة : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا. فتواطأت أنا وحفصة أيّتنا دخل عليها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فلتقل : إنّي أجد منك ريح المغافير ، أكلت المغافير. فدخل صلىاللهعليهوآلهوسلم على إحداهما فقالت له ذلك. فقال : لا ، بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ، ولن أعود عليه فنزلت.
وعن قتادة والشعبي ومسروق : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قسّم الأيّام بين نسائه ، فلمّا كان يوم حفصة قالت : يا رسول الله إنّ لي إلى أبي حاجة ، فأذن لي أن أزوره.
فأذن لها. فلمّا خرجت أرسل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى جاريته مارية القبطيّة ، وكان قد أهداها له المقوقس ، فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها. فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقا ، فجلست عند الباب ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ووجهه يقطر عرقا.
فقالت حفصة : إنّما أذنت لي من أجل هذا ، أدخلت أمتك بيتي ، ثمّ وقعت عليها في يومي وعلى فراشي ، أما رأيت لي حرمة وحقّا؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أليس هي جاريتي ، قد أحلّ الله ذلك لي؟! اسكتي ، فهي حرام عليّ ، ألتمس بذلك رضاك ، فلا تخبري بهذا امرأة منهنّ ، وهو عندك أمانة.
فلمّا خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قرعت حفصة الجدار الّذي بينها وبين عائشة ، فقالت : ألا أبشّرك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حرّم عليه أمته مارية ، وقد أراحنا الله منها. وأخبرت عائشة بما رأت ، وكانتا متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواجه.
فطلّق حفصة ، واعتزل سائر نسائه تسعة وعشرين يوما ، وقعد في مشربة أمّ إبراهيم
__________________
(١) جرس الشيء : لحسه بلسانه.