يوم القيامة ، إن عملت خيرا قالت : كيف لم أزدد ، وإن عملت شرّا قالت : ليتني لم أفعل».
أو نفس آدم عليهالسلام ، فإنّها لم تزل تتلوّم على ما خرجت به من الجنّة. وضمّها إلى يوم القيامة ، لأنّ المقصود من إقامتها مجازاتها.
وجواب القسم محذوف ، تقديره : إنّكم تبعثون ، أو لتبعثنّ. ويدلّ على حذفه قوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) صورته الاستفهام ، ومعناه الإنكار. والمراد الجنس.
وإسناد الفعل إليه لأنّ فيهم من يحسب. أو الّذي نزل فيه ، لما روي أنّ عديّ بن أبي ربيعة ختن (١) الأخنس بن شريق ـ وهما اللّذان كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول فيهما : اللهمّ اكفني جاري السّوء ـ سال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أمر القيامة ، وقال : يا محمّد حدّثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمره؟ فأخبره به ، فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدّقك يا محمد ، ولم أرض به أو يجمع الله العظام. فنزلت فيه (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ).
(أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) بعد تفرّقها ، أي : لن نعيده إلى ما كان أوّلا عليه خلقا جديدا بعد أن صار رفاتا مختلطا بالتراب ، وبعد ما سفّتها الرياح وطيّرتها في أباعد الأرض. فكنّى عن البعث بجمع العظام.
(بَلى) إيجاب بعد النفي ، وهو الجمع. فكأنّه قال : بلى نجمعها. (قادِرِينَ) حال من فاعل الفعل الّذي قدّرناه بعد «بلى» (عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) بجمع سلامياته (٢) ، وضمّ بعضها إلى بعض كما كانت أوّلا ، مع صغرها ولطافتها ، فكيف بكبار العظام؟! أو على أن نسوّي بنانه. أي : أصابعه الّتي هي أطرافه ، وآخر ما يتمّ به خلقه.
وعن ابن عبّاس وقتادة معناه : بلى نجمعها ونحن قادرون على أن نسوّي أصابع يديه ورجليه ، أي : نجعلها مستوية شيئا واحدا ، كخفّ البعير وحافر الحمير ،
__________________
(١) الختن : زوج الابنة ، أو كلّ من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ.
(٢) السلاميات جمع السلامى : كلّ عظم مجوّف من صغار العظام ، مثل عظام الأصابع.