وقيل : لمّا نزلت قيل : من هم يا رسول الله؟ فوضع يده على سلمان ، ثمّ قال : «لو كان الإيمان عند الثريّا لتناوله رجال من هؤلاء».
(وَهُوَ الْعَزِيزُ) في تمكينه من هذا الأمر الخارق للعادة (الْحَكِيمُ) في اختياره وتعليمه من بين كافّة البشر.
(ذلِكَ) أي : ذلك الفضل الّذي أعطاه محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبه امتاز عن أقرانه ، وهو أن يكون نبيّ جميع العباد إلى آخر الدهر (فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) إعطاءه ، وتقتضيه حكمته.
روى محمّد بن أبي عمير عن هشام بن سالم يرفعه قال : «جاء الفقراء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : يا رسول الله إنّ للأغنياء ما يتصدّقون ، وليس لنا ما نتصدّق.
ولهم ما يحجّون ، وليس لنا ما نحجّ. ولهم ما يعتقون ، وليس لنا ما نعتق.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كبّر الله مائة مرّة كان أفضل من عتق مائة رقبة. ومن سبّح الله مائة مرّة كان أفضل من سياق مائة بدنة. ومن حمد الله مائة مرّة كان أفضل من حملان (١) مائة فرس في سبيل الله يسرجها ويلجمها. ومن هلّل الله مائة مرّة كان أفضل الناس عملا في ذلك اليوم إلّا من زاد.
فبلغ ذلك الأغنياء فقالوه ، فرجع الفقراء إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : يا رسول الله قد بلغ الأغنياء ما قلت فصنعوه. فقال رسول الله : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء».
(وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) الّذي يستحقر دونه نعيم الدنيا ونعيم الآخرة.
ثمّ ضرب سبحانه مثلا لليهود الّذين تركوا العمل بالتوراة الّتي فيها الوعد ببعثة رسول الله ونعوته ، فقال :
(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ) علّموها وكلّفوا العمل بها. (ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها) أي : لم يعملوا ولم ينتفعوا بها ، فكأنّهم لم يحملوها (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً)
__________________
(١) الحملان : ما يحمل عليه من الدوابّ في الهبة خاصّة.