ليس ذلك إلّا بالوحي.
وقيل : منسوب إلى أمّ القرى ، وهي مكّة.
(رَسُولاً مِنْهُمْ) من جملتهم ، كقوله : (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) (١). فيعلمون نسبه وأحواله (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) آيات القرآن المشتملة على الحلال والحرام والحجّ والأحكام ، مع كونه أمّيّا مثلهم لم تعهد منه قراءة ، ولم يعرف بتعلّم (وَيُزَكِّيهِمْ) ويطهّرهم من خبائث الشرك وأعمال الجاهليّة (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) القرآن والشريعة ، أو معالم الدين من المنقول والمعقول ، ولو لم يكن سواه معجزة لكفاه (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) في ضلال لا ترى ضلالا أعظم منه ، من الشرك وخبث الجاهليّة. و «إن» هي المخفّفة ، واللام تدلّ عليها. وهذا بيان لشدّة احتياجهم إلى نبيّ يرشدهم ، وإزاحة لما يتوهّم أنّ الرسول تعلّم ذلك من معلّم.
وقال في المجمع : «وإنّما قال : «منهم» لأنّهم إذا أسلموا صاروا منهم ، فإنّ المسلمين كلّهم يد واحدة على من سواهم ، وأمّة واحدة وإن اختلفت أجناسهم ، كما قال سبحانه : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٢). ومن لم يؤمن بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّهم ليسوا ممّن عناهم الله بقوله : (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ)» (٣).
(وَآخَرِينَ مِنْهُمْ) عطف على «الأميّين» ، أو المنصوب في «يعلّمهم» أي : يعلّم آخرين. وهم الّذين جاءوا بعد الصحابة إلى يوم الدين ، فإنّ دعوته وتعليمه يعمّ الجميع من أبناء عصره وأبناء العصور الغوابر ، لأنّ التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كلّه مستندا إلى أوّله ، فكأنّه هو الّذي تولّى كلّ ما وجد فيه من الأوّلين والآخرين. (لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون ، من العجم والعرب.
__________________
(١) التوبة : ١٢٨.
(٢) التوبة : ٧١.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٢٨٤.