بعدي نبيّ». أورده البخاري في الصحيح (١).
وفي هذه البشرى معجزة لعيسى عليهالسلام عند ظهور محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمر لأمّته أن يؤمنوا به عند مجيئه.
(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) الإشارة إلى ما جاء به أو إليه.
وتسميته سحرا للمبالغة. ويؤيّده قراءة حمزة والكسائي : هذا ساحر ، على أنّ الإشارة إلى عيسى عليهالسلام.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ) وأيّ الناس أشدّ ظلما؟ بمعنى : لا أحد أظلم ممّن يدعوه ربّه على لسان نبيّه إلى الإسلام الّذي له فيه سعادة الدارين ، فيضع موضع إجابته إليه افتراء الكذب على الله ، بقوله لكلامه الّذي هو دعاء عباده إلى الحقّ : هذا سحر مبين ، لأنّ السحر كذب وتمويه.
والاستفهام للإنكار. (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الّذين ظلموا أنفسهم بفعل الكفر والمعاصي.
قال ابن جريج : هم الكفّار والمنافقون. ويدلّ عليه قوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا) أي : يريدون أن يطفؤا كما جاء في سورة البراءة (٢). واللام مزيدة لما فيها من معنى الإرادة تأكيدا لها ، كما زيدت في قولك : لا أبالك ، تأكيدا لمعنى الإضافة في : لا أباك. أو يريدون الافتراء ليطفؤا (نُورَ اللهِ) يعني دينه : أو كتابه أو حجّته (بِأَفْواهِهِمْ) بأن طعنوا فيه بأنّه سحر مبين. مثّلت حالهم بحال من ينفخ في نور الشمس ليطفئه. (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) مبلغ غايته بنشره وإعلائه. وقرأ ابن كثير وحفص بالإضافة. (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) إرغاما لهم.
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى) بالقرآن أو المعجزة (وَدِينِ الْحَقِ) والملّة
__________________
(١) صحيح البخاري ٤ : ٢٢٥.
(٢) البراءة : ٣٢.