ويتعلّم. وقيل : معناه : تؤثره النفوس وتختاره لحلاوته فيها. والفاء للدلالة على أنّه لمّا خطرت هذه الكلمة بباله تفوّه بها من غير تلبّث وتفكّر.
(إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) كالتأكيد للجملة الأولى ، ولهذا لم يعطف عليها. ولو كان القرآن سحرا أو من كلام البشر ـ كما قاله الملعون ـ لأمكن السحرة أن يأتوا بمثله ، أو قدر قريش مع فصاحتهم على الإتيان بسورة مثله.
(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) سأدخله جهنّم. هذا بدل من «سأرهقه». (وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ) تفخيم لشأنها. وقوله : (لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ) بيان لذلك ، أو حال من «سقر».
والعامل فيها معنى التعظيم. والمعنى : لا تبقي شيئا يلقى فيها إلّا أهلكته ، وإذا هلك لم تذره هالكا حتّى يعاد. (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) مسودّة لأعالي الجلد. قيل : تلفح (١) الجلد لفحة فتدعه أشدّ سوادا من الليل. (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) أي : يلي أمرها ويتسلّط على أهلها تسعة عشر ملكا. وقيل : صنفا من الملائكة.
قال فخر الدين الرازي : «الوجه في تخصيص هذا العدد أنّ اختلال النفوس البشريّة في النظر والعمل بسبب القوى الحيوانيّة. وهي تسعة عشر : خمس هي الحواسّ الظاهرة ، وخمس هي الحواسّ الباطنة ، واثنتان : الغضبيّة والشهويّة ، وسبعة هي القوى الطبيعيّة ، وهي : الجاذبة ، والماسكة ، والهاضمة ، والدافعة ، والغاذية ، والنامية ، والمولّدة. ومجموعها تسعة عشر. وهي الزبانية الواقعة على باب جهنّم البدن ، وعلى وفق هذا العدد زبانية جهنّم الآخرة» (٢).
وقال بعضهم : إنّ لجهنّم سبع دركات ، ستّ منها لأصناف الكفّار ، وكلّ صنف يعذّب بترك الاعتقاد والإقرار والعمل أنواعا من العذاب تناسبها ، وعلى كلّ نوع ملك أو صنف يتولّاه. وواحدة لعصاة الأمّة ، يعذّبون فيها بترك العمل تعذيبا يناسبه ،
__________________
(١) لفحت النار فلانا : أصابته وأحرقته.
(٢) التفسير الكبير ٣٠ : ٢٠٣.