عن مبرّة هؤلاء ، وإنّما ينهاكم عن تولّي هؤلاء. (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) العادلين.
وهذا أيضا رحمة لهم ، لتشدّدهم وجدّهم في العداوة متقدّمة لرحمته ، بتيسير إسلام قومهم ، حيث رخّص لهم في صلة من لم يجاهر منهم بقتال المؤمنين وإخراجهم من ديارهم.
وقيل : أراد بهم خزاعة ، وكانوا صالحوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على أن لا يقاتلوه ، ولا يعينوا عليه.
وعن مجاهد : هم النساء والصبيان.
وقيل : قدمت على أسماء بنت أبي بكر أمّها قتيلة بنت عبد العزّى وهي مشركة بهدايا ، فلم تقبلها ، ولم تأذن لها بالدخول ، فنزلت. فأمرها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن تدخلها ، وتقبل منها ، وتكرمها ، وتحسن إليها.
وقيل : إنّ المسلمين استأمروا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في أن يبرّوا أقرباءهم من المشركين ، وذلك قبل أن يؤمروا بقتال جميع المشركين ، فنزلت هذه الآية.
وعن مجاهد : هي منسوخة بآية (١) القتال.
والّذي عليه الإجماع أنّ برّ الرجل من يشاء من أهل الحرب ـ قرابة كان أو غير قرابة ـ ليس بمحرّم. وإنّما الخلاف في إعطائهم مال الزكاة والفطرة والكفّارات ، فلم يجوّزه أصحابنا ، والعامّة اختلفوا فيه. وناهيك بتوصية الله المؤمنين أن يستعملوا القسط مع المشركين به ، ويتحاموا ظلمهم ، مترجمة عن حال مسلم يجترئ على ظلم أخيه المسلم.
(إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ) كمشركي مكّة ، فإنّ رؤساءهم سعوا في إخراج المؤمنين ، وأتباعهم عاونوا رؤساءهم على الإخراج (أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) بدل من «الّذين» بدل الاشتمال ،
__________________
(١) التوبة : ٥.