الجمر ، أو على المقلى (١) ، أو في التنّور ، فلا يسمّى مصلّيا. وقرأ أبو عمرو ويعقوب وأبو بكر تصلى ، من : أصلاه الله. (حامِيَةً) متناهية في الحرّ.
(تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) متناهية في الحرّ ، كقوله : (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) (٢) قال الحسن : قد أوقدت عليها جهنّم مذ خلقت ، فدفعوا إليها وردا عطاشا ، هذا شرابهم.
وقال أبو الدرداء : إنّ الله يرسل على أهل النار الجوع حتّى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصّة ، فيذكرون أنّهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالماء ، فيستسقون فيعطشهم الله ألف سنة ، ثمّ يسقون من عين آنية شربة لا هنيئة ولا مريئة ، كلّما أدنوه من وجوههم سلخ وجوههم وشواها ، فإذا وصل إلى بطونهم قطعها ، فذلك قوله : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (٣).
(لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) يبيس الشبرق. وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا ، فإذا يبس تحامته ، وهو سمّ قاتل. وقيل : شجرة ناريّة تشبه الضريع ، كما نقل.
وعن الضحّاك عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك ، أمرّ من الصبر ، وأنتن من الجيفة ، وأشدّ حرّا من النار ، سمّاه الله الضريع».
وإنّما قال : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ). وفي الحاقّة : (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) (٤) وظاهر الكلامين تناف ، لأنّ العذاب ألوان ، والمعذّبون طبقات ، فمنهم أكلة الزقّوم ، ومنهم أكلة الغسلين ، ومنهم أكلة الضريع.
__________________
(١) المقلى : وعاء يقلى ـ أي : ينضج ـ فيه الطعام.
(٢) الرحمن : ٤٤.
(٣) محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ١٥.
(٤) الحاقة : ٣٦.