ولما كان كذلك تعيّن أن ينصب الثانى على المصدرية بفعل محذوف وجوبا ؛ لأن الأول تضمن معناه.
ومنه قولك : لدىّ قول قول الناصحين. بنصب (قول) الثانية على المصدرية.
صدرت منه إجابة إجابة المتقنين. (إجابة) الثانية منصوبة على المصدرية.
لى سعى سعى المخلصين. بنصب كلمة (سعى) الثانية على المصدرية.
ومنه قول أبى كبير الهذلى :
ما إن يمسّ الأرض إلا منكب |
|
منه وحرف الساق طىّ المحمل (١) |
(طىّ) منصوب على المصدرية لفعل محذوف تقديره : يطوى ، فهو مسبوق بجملة (ما إن يمس الأرض منه إلا منكب) ، وهى بمنزلة (له طى) فى المعنى ، فمعناها : مدمج الخلق لا يمس الأرض منه إلا منكبه لخماصة بطنه ، وذلك كطىّ المحمل ، فهى مشتملة على المصدر وصاحبه ضمنا ، والمصدر الثانى (طى) فيه إشعار بالتشبيه ، وليس في الجملة الأولى ما يصلح للعمل فى المصدر.
ملحوظتان :
أولاهما : يجوز أن ترفع المصدر الثانى على أنه بدل من الأول ، أو خبر لمبتدإ محذوف ، فعندما تقول : عندى قول قول الناصحين. تكون شبه الجملة (عندى) فى محل رفع ، خبر مقدم ، و (قول) الأول مبتدأ مؤخر مرفوع ، أما (قول) الثانية فيجوز أن ينصب على المصدرية بفعل محذوف ، ويجوز أن يرفع على البدلية من (قول) الأولى ، أو على الخبرية لمبتدإ محذوف ، تقديره : هو.
وإذا كان نكرة فإنه يجوز فيه الإتباع على الصفة كذلك ، لكن الصفة تمتنع حال ما إذا كان معرفة.
__________________
(١) (ما) نافية ، (إن) زائدة (المحمل) بكسر الميم الأولى وفتح الثانية علاقة السيف. يصف الشاعر إضمار فرسه بأنه إذا اضطجع فإنه لا يمس الأرض منه إلا منكبه وحرف ساقه. فهو خميص البطن مدمج الخلق كطى المحمل.