ويحترز بكون الواو التى يأتى بعدها المفعول معه للمصاحبة على غير وجه التبعية ، من مثل القول : تخاصم زيد وعمرو ، والقول : مزجت عسلا وماء. فالواو فيهما للمصاحبة ، ولكن ما بعدها لا يكون مفعولا له ، حيث إن الفعل الأول فيه معنى المفاعلة التى تفيد المشاركة فتتطلب اثنين ، فيكونان أصلا فى أداء معنى المفاعلة ، ولا يصح الاستغناء عن أحدهما ، إذن لا نستطيع أن نعدّ الثانى فضلة ، بل كلّ منهما عمدة ، وكل منهما اشترك فى إحداث الفعل وأدائه ، فلا يعد الثانى مفعولا معه ، بل هو تابع ، ومثله : اشترك على وسمير.
أما الفعل الثانى فإن دلالته تدل على وجود اثنين بالضرورة ؛ لأن المزج لا يكون إلا بين شيئين فأكثر ، إذن ، المزج وقع على كل منهما ، ودخل فى معنى المفعولية ، وبالتالى فإن الثانى تابع للأول فى الدلالة والإعراب ، مع كون الواو للمصاحبة ، ولا يعد مفعولا معه ، وإنما هو مفعول به بالضرورة.
كما يلحظ أن الواو فى هذا الباب ـ وهى تعنى المصاحبة ـ تختلف عن الواو التى تكون بمعنى (مع) فى باب العطف ، إذ إن الواو فى العطف تفيد الاشتراك فى الفعل ، أو إحداث الفعل ، دون الملابسة أو المصاحبة.
فإن قلت : جاء على وأحمد. فإن أحمد مثل على فى إحداث المجئ ، وكل منهما فاعل للحدث قائم بذاته ، مع ملاحظة عدم الملابسة بينهما أثناء إحداث كل منهما للفعل ، وعدم المصاحبة من أحدهما للآخر ، فكل منهما فاعل برأسه وبذاته.
أما الواو فى المفعول معه فلا تفيد هذا المعنى ، وهو معنى الاشتراك فى الفعل ، بل إنها لا بد ألا تفيد معنى الاشتراك والإحداث ، ولكن تفيد المصاحبة ، مصاحبة ما بعدها ـ وهو غير محدث للفعل ولا مشترك فى إحداثه ـ لما قبلها وهو محدث الفعل ، أو هو فاعله ، وذلك أثناء حدوث الفعل.
يذكر ابن الخشاب : «وكذلك الغرض فى قولك : قمت وزيدا بالنصب ؛ غير الغرض فى قولك : قمت وزيد بالرفع ؛ لأن النصب المراد به الاصطحاب ، والرفع المراد به وقوع الفعل من كل واحد من الاسمين مطلقا ، مصطحبين كانا أو غير مصطحبين» (١).
__________________
(١) المرتجل : ١٨٤.