هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) [النساء : ١٦٠] أى : بسبب ظلم من الذين .....
وكذلك (من) ومجرورها ، كقوله ـ سبحانه : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) [المائد : ٣٢]. أى : لأجل ذلك ، وفيها معنى السببية.
كما أنهم يجعلون من ذلك قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) [البقرة : ١٩]. حيث تكون (من) بمعنى السببية ، فيجعلون (من الصواعق) فى موضع نصب على المفعول له ، والتقدير : من خوف الصواعق (١).
وكذلك الكاف ، ومنه ـ كما يذكر ابن الخشاب ـ مسألة الكتاب : كما أنه لا يعلم فغفر الله له ، أى لأنه لا يعلم ، و (ما) زائدة بين الكاف ومجرورها (٢).
ويذكر ابن هشام معنى التعليل للكاف ، فأثبته قوم ، ونفاه الأكثرون ، وقيد بعضهم جوازه بأن تكون الكاف مكفوفة ، كحكاية سيبويه السابقة (٣).
ونظرة فى مجموع ما سبق نجد أن المفعول لأجله مفعول مقيد بالتعليل ، سواء أكان التعليل باللام ، أم بمن ، أم بغيرهما ، وهذا التقييد يفرض علينا أن ننظر فى أصل التركيب الذى يأتى فيه المفعول لأجله ، ولا نجد مفرا من تقدير (لام) التعليل قبل المصدر المنصوب للتعليل ، أو غير اللام من جار.
يذكر سيبويه ذلك فى عدة مواضع ، فيقول : «فعلت ذلك حذر الشر. أى : لحذر الشر» (٤). كما يجعله فى موضع آخر موقوعا له ، فيذكر : (هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه عذر لوقوع الأمر ؛ فانتصب لأنه موقوع له ، ولأنه تفسير لما قبله لم كان ، وليس بصفة لما قبله ، ولا منه.
__________________
(١) ينظر : شرح المفصل ٢ ـ ٥٣.
(٢) يرجع فى ما سبق إلى : ابن الخشاب ، المرتجل ١٥٩.
(٣) مغنى اللبيب ١ ـ ١٧٦. والمثل الموجود فى الكتاب هو : «كما أنه لا يعلم ذلك ، فغفر الله له» ٣ ـ ١٤٠.
(٤) الكتاب ٣ ـ ١٥٤.