ومنه : جلست قريبا ، أى : جلست مكانا قريبا منك ، ومنه كذلك قولك : قديما قالوا ذلك ، أى : زمنا قديما ... وكذلك ، الحمد لله أولا وآخرا ، أى : زمنا أولا ، وزمنا آخرا.
ومنه أن تقول : فأطرق المستمع مليا ثم قال ، حيث التقدير : أطرق وقتا مليا ، حيث (مليا) تعبر عن قدر من الاستغراق الزمنى فى الإطراق.
ويتضح النصب على الظرفية فيما إذا قلت : «مشيت قصيرا من الدهر شرقى الحديقة». والتقدير : زمنا قصيرا .. مكانا شرقى الحديقة.
د ـ ما كان مصدرا دالا على زمان أو مكان ، ويتحمل معنى (فى) الظرفية ، وبعض النحاة يرى أن مثل هذه المصادر ظروف ، وبعضهم ـ وعلى رأسهم السيرافى ـ يرى أن كلا منها يكون مضافا إلى ظرف محذوف ، نحو ، جئتك صلاة العصر ، أو : قدوم الحاج. حيث أضيف كلّ من المصدرين : صلاة ، وقدوم ، إلى ظرف الزمان المحذوف (وقت) ، فأخذ المصدران المضافان إعراب الظرف المحذوف (١).
يلحظ أن المصدرين معينان للوقت ، وقد يكون المصدران معينين لمقدار وقت ، نحو انتظرتك شرح الدرس ، أو : حلب ناقة ، أو : نحر جزور ، فكل من : شرح ، وحلب ، ونحر ، مصادر مبنية لمقدار وقت الانتظار.
ومنه القول : أتيتك خفوق النجم.
ومما ينوب فيه من المصادر مناب ظرف المكان قولك : جلست قرب مجلسك ، أى : مكان قرب مجلسك ، فحذف المضاف ، وهو مكان ، وأقيم مقامه المصدر : قرب ، ونصب نصبه.
ه ـ قد ينوب عن الظرف أسماء الأعيان ، ومنه ما يتناقله النحاة من قولهم : لا أكلمه القارظين (٢) ، وتقديرهم : مدة القارظين ، فحذف (مدة) وأقيم مقامها : غيبة ،
__________________
(١) أذكر هنا أن المضاف والمضاف إليه بمثابة الاسم الواحد ، فإذا حذف المضاف ، أقيم المضاف إليه مقامه ، وأعرب إعرابه.
(٢) القارظان : مثنى القارظ ، وهو الذى يجنى القرظ ، (بفتح القاف والراء) وهو شىء يدبغ به.