فأما الأول الذي هو حرف الجزاء : فإن الخفيفة ويقال لها : أم الجزاء ، وذلك قولك : إن تأتني آتك ، وإن تقم أقم. فقولك : إن تأتني شرط وآتك جوابه ولا بدّ للشرط من جواب وإلا لم يتم الكلام وهو نظير المبتدأ الذي لا بدّ له من خبر ألا ترى أنّك لو قلت : (زيد) لم يكن كلاما يقال فيه صدق ولا كذب فإذا قلت : منطلق تمّ الكلام فكذلك إذا قلت : إن تأتني لم يكن كلاما حتى تقول : آتك وما أشبه وحقّ (إن) في الجزاء أن يليها المستقبل من الفعل لأنك إنما تشترط فيما يأتي أن يقع شيء لوقوع غيره ، وإن وليها فعل ماض أحالت معناه إلى الإستقبال ، وذلك قولك : إن قمت قمت إنما المعنى : إن تقم أقم (فإن) تجعل الماضي مستقبلا كما أنّ (لم) إذا وليها المستقبل جعلته ماضيا تقول : لم يقم زيد أمس والمعنى : ما قام فعلى هذا يجوز أن تقول :
إن لم أقم لم أقم فلا بد لشرط الجزاء من جواب والجواب يكون على ضربين : بالفعل ويكون بالفاء فالفعل ما خبرتك به فأما الفاء فنحو قولك : إن تأتني فأنا أكرمك ، وإن تأت زيدا فأخوه يحسن إليك ، وإن تتّق الله فأنت كريم فحق الفاء إذا جاءت للجواب أن يبتدأ بعدها اللام ولا يجوز أن تعمل فيما بعدها شيء مما قبلها وكذلك قولك : إن تأتني فلك درهم وما أشبه هذا وقد أجازوا للشاعر إذا اضطر أن يحذف الفاء.
وأما الثاني : فأن يقع موقع حرف الجزاء اسم والأسماء التي تقع موقعه على ضربين : اسم غير ظرف واسم ظرف.
فالأسماء التي هي غير الظروف : من وما وأيّهم تقول : من تكرم أكرم وكان الأصل : إن تكرم زيدا وأشباه زيد أكرم فوقعت (من) لما يعقل كما وقعت (من) في الاستفهام مبهمة لما في ذلك من الحكمة وكذلك : ما تصنع أصنع وأّيّهم تضرب أضرب تنصب أيهم بتضرب ؛ لأن المعنى : إن تضرب أيا ما منهم أضرب ولكن لا يجوز أن تقدم (تضرب) على (أي) ؛ لأن هذه الأسماء إذا كانت جزاء أو استفهاما فلها صدور الكلام كما كان للحروف التي وقعت مواقعها فكذلك من وما إذا قلت : من تكرم أكرم وما تصنع أصنع.
وموضعها نصب ، وإذا أردت أن تبين مواضعها من الإعراب فضع موضعها (إن) حتى يتبين لك ، وإذا قلت : من يقم أقم إليه فموضع (من) رفع لأنها غير معقولة وكذا ايهم يضرب