فتستغني عن جواب الجزاء بما تقدم ولا يجوز : إن تأتني آتيك إلّا في ضرورة شاعر على إضمار الفاء ، وأما ما كان سوى (إن) منها فلا يحسن أن يحذف الجواب وسيبويه يجيز : إن أتيتني آتك ، وإن لم تأتني أجزك ؛ لأنه في موضع الفعل المجزوم وينبغي أن تعلم أنّ المواضع التي لا يصلح فيها (إن) لا يجوز أن يجازى فيها بشيء من هذه الأسماء البتة ؛ لأن الجزاء في الحقيقة إنما هو بها إذا دخل حرف الجر على الأسماء التي يجازى بها لم يغيرها عن الجزاء تقول : على أي دابة أحمل أركبه وبمن تؤخذ أو خذ به وإنما قدم حرف الجرّ للضرورة ؛ لأنه لا يكون متعلقا بالمفعول.
فإن قلت : بمن تمرّ به أمرّ وعلى أيهم تنزل عليه انزل رفعت وصارت بمعنى الذي وصارت الباء الداخلة في (من) لأمرّ والباء في (به) لتمرّ وقد يجوز أن تجزم بمن تمرر أمرر وأنت تريد (به) وهو ضعيف وتقول على ذلك : غلام من تضرب أضربه قدمت الغلام للإضافة كما قدمت الباء وهو منصوب بالفعل ولكن لا سبيل إلى تقديم الفعل على (من) في الجزاء والاستفهام.
وأما الثالث : الذي يحذف فيه حرف الجزاء مع ما عمل فيه وفيما بقي من الكلام دليل عليه ، وذلك إذا كان الفعل جوابا للأمر والنهي أو الاستفهام أو التمني أو العرض تقول : آتني آتك فالتأويل : ائتني فإنّك إن تأتني آتك هذا أمر ولا تفعل يكن خيرا لك وهذا نهي والتأويل لا تفعل فإنّك إن لا تفعل يكن خيرا لك وإلا تأتني أحدثك وأين تكون أزرك وألا ماء أشربه وليته عندنا يحدثنا فهذا تمنّ ألا تنزل تصب خيرا وهذا عرض ففي هذا كلّه معنى (إن تفعل) ، فإن كان للإستفهام وجه من التقدير لم تجزم جوابه.
ولا يجوز : لا تدن من الأسد فإنّك إن تدن من الأسد يأكلك فتجعل التباعد من الأسد سببا لأكلك فإذا أدخلت الفاء ونصبت جاز فقلت : لا تدن من الأسد فيأكلك ؛ لأن المعنى لا يكون دنو ولا أكل وتقول : مره يحفرها وقل له : يقل ذاك فتجزم ويجوز أن تقول : مره يحفرها فترفع على الابتداء ، وقال سيبويه : وإن شئت على حذف (أن) كقوله :