ذهب به مذهب (ليت) والكلام الرفع في قوله عز وجل : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم : ٩].
واعلم أن الأسماء التي سمى بها الأمر وسائر الألفاظ التي أقيمت مقام فعل الأمر وليست بفعل لا يجوز أن تجاب بالفاء نحو قولك : تراكها ونزال ودونك زيدا وعليك زيدا لا يجاب ؛ لأنه لا ينهى به.
وكذلك إليك لا يجاب بالفاء ؛ لأنه لم يظهر فعل ومه وصه كذلك.
قالوا : الدعاء أيضا لا يجاب نحو قولك : ليغفر الله وغفر الله لك والكسائي يجيز الجواب في ذلك كله ، وأما الفراء فقال في الدعاء : إنّما يكون مع الشروط : غفر الله لك إن اسلمت ، وإن قلت : غفر الله لك فيدخلك الجنة جاز وهو عندي في الدعاء جائز إذا كان في لفظ الأمر لا فرق بينهما ولا يكون للفاء جواب ثان ولا لشيء جوابان.
وأما قوله عز وجل : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنعام : ٥٢].
إنما هو : ولا تطرد الذين يدعون ربهم فتكون من الظالمين ما عليك من حسابهم من شيء فتطردهم فتكون جواب (لا) وقوله : فتطردهم جواب (ما) وتقول : ما قام أحد إلا زيد فتحسن إليه إن كانت الهاء لأحد فجائز ؛ لأن التقدير ما قام أحد فيحسن إليه ، وإن كانت الفاء لزيد فخطأ ؛ لأن الموجب لا يكون له جواب والاستثناء إذا جاء بعد النفي فالمستثنى موجب.
وكذلك إن قلت : ما قام إلّا زيد فتحسن إليه محال ؛ لأن التحقيق لا جواب له.
__________________
ـ فلعله يختار هذا القول ، فتبجّحه على مختاره. فقول ابن الحاجب : ليس من ذا الباب ، أي : من باب لو الشرطية ، ممنوع عنده. انتهى. انظر خزانة الأدب ٤ / ١٨٦.