وقلنا لهم أهلاً وسهلاً ومرحباً |
|
نمدُّ يدينا من هوىً وتودُّدِ |
فما للزبيرِ الناقضِ العهدِ حرمةٌ |
|
ولا لأخيه طلحةَ اليوم من يدِ |
أتاكم سليلُ المصطفى ووصيُّهُ |
|
وأنتم بحمدِ اللهِ عارٍ من الهَدِّ (١) |
فمن قائم يُرجى بخيل إلى الوغى |
|
وصُمِّ العوالي والصفيحِ المُهنَّدِ |
يسوِّد من أدناه غيرَ مدافعٍ |
|
وإن كان ما نقضيه غيرَ مسوَّدِ |
فإن يأتِ ما نهوى فذاك نريدُهُ |
|
وإن يخطَ ما نهوى فغير تعمّدِ |
وكان يسير في تلك المواقف بكلِّ عظمة وجلال بهيئة فخمة ، ترهب القلوب ، وترعب الفوارس ، وترعد الفرائص.
قال المنذر بن الجارود يصف مواكب المجاهدين مع أمير المؤمنين وقد رآهم في الزاوية (٢) : ثمَّ مرَّ بنا فارسٌ على فرس أشقر ، عليه ثياب بيض ، وقلنسوة بيضاء ، وعمامة صفراء ، متنكِّبٌ قوساً ، متقلّدٌ سيفاً ، تخطُّ رجلاه في الأرض ، في ألف من الناس ، الغالب على تيجانهم الصفرة والبياض ، معه راية صفراء ، قلت : مَن هذا؟ قيل : هذا قيس بن سعد بن عبادة في الأنصار وأبنائهم ، وغيرهم من قحطان. مروج الذهب (٣) (٢ / ٨).
ولمّا أراد أمير المؤمنين المسير إلى أهل الشام ، دعا إليه من كان معه من المهاجرين والأنصار ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال :
«أمّا بعد : فإنّكم ميامين الرأي ، مراجيح الحلم ، مقاويل بالحقِّ ؛ مباركو الفعل والأمر ، وقد أردنا المسير إلى عدوِّنا وعدوِّكم ، فأشيروا علينا برأيكم».
فقام قيس بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين
__________________
(١) الهدِّ : الضعيف والجبان. (المؤلف)
(٢) موضع قرب البصرة ، وقرية بين واسط والبصرة على شاطئ دجلة. (المؤلف)
(٣) مروج الذهب : ٢ / ٣٧٧.