انكمش (١) بنا إلى عدوِّنا ، ولا تُعَرِّج (٢) ، فو الله لجهادهم أحبُّ إليّ من جهاد الترك والروم لادّهانهم في دين الله ، واستذلالهم أولياء الله من أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من المهاجرين والأنصار ، والتابعين بالإحسان ، إذا غضبوا على رجل حبسوه ، أو ضربوه ، أو حرموه ، أو سيّروه ، وفيؤنا لهم في أنفسهم حلالٌ ، ونحن لهم فيما يزعمون قطينٌ. قال : يعني رقيق. كتاب صفّين (٣) (ص ٥٠).
قال صعصعة بن صوحان : لمّا عقد عليّ بن أبي طالب الألوية لأجل حرب صفّين ، أخرج لواء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يُرَ ذلك اللواء منذُ قبض رسول الله ، فعقده عليٌّ ، ودعا قيس بن سعد بن عبادة فدفعه إليه ، واجتمعت الأنصار وأهل بدر ، فلمّا نظروا إلى لواء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بكوا ، فأنشأ قيس بن سعد يقول :
هذا اللواءُ الذي كنّا نَحُفُّ بهِ |
|
مع النبيِّ وجبريلٌ لنا مددُ |
ما ضرَّ من كانتِ الأنصارُ عيبتَهُ |
|
أن لا يكونَ له من غيرِهم أحدُ |
قومٌ إذا حاربوا طالتْ أكفُّهمُ |
|
بالمشرفيّةِ حتى يُفتحَ البلدُ |
ابن عساكر في تاريخه (٤) (٣ / ٢٤٥) ، وابن عبد البرّ في الاستيعاب (٥) (٢ / ٥٣٩) ، وابن الأثير في أُسد الغابة (٦) (٤ / ٢١٦) ، والخوارزمي في المناقب (٧) (ص ١٢٢) (٨).
ولمّا تعاظمت الأمور على معاوية دعا عمرو بن العاص ، وبُسر بن أرطاة ،
__________________
(١) انكمش الرجل : أسرع. (المؤلف)
(٢) من عرّج : وقف ولبث. (المؤلف)
(٣) وقعة صفّين : ص ٩٣.
(٤) تاريخ مدينة دمشق : ٣ / ٣٤٦.
(٥) الاستيعاب : القسم الثالث / ١٢٩٢ رقم ٢١٣٤.
(٦) أُسد الغابة : ٤ / ٤٢٦ رقم ٤٣٤٨.
(٧) المناقب : ص ١٩٥ ح ٢٣٥.
(٨) ذكر الأبيات له شيخنا المفيد في يوم الجمل [النصرة في حرب البصرة (كتاب الجَمل) : ص ١٨٣] ، وهو في غير محلّه. (المؤلف)