لكما سابقةٌ في الإسلام ، ولا آيةٌ في القرآن؟ (١) ولعمري لئن شغبت علينا لقد شغب علينا أبوك. ثمَّ قال قيس في ذلك :
والراقصاتِ بكلِّ أشعثَ أَغْبَرٍ |
|
خُوصِ العيونِ تحثُّها الركبانُ |
ما ابنُ المخلّدِ ناسياً أسيافَنا |
|
عمّن نحاربُه ولا النعمانُ |
تركا العيانَ وفي العيانِ كفايةٌ |
|
لو كان ينفعُ صاحبيه عيانُ |
ثمَّ إنَّ علياً عليهالسلام دعا قيس بن سعد فأثنى عليه خيراً وسوّده على الأنصار (٢).
وخرج قيس في النهروان إلى الخوارج ، فقال لهم : عباد الله ، أخرجوا إلينا طَلِبَتَنا منكم ، وادخلوا في هذا الأمر الذي خرجتم منه ، وعودوا بنا إلى قتال عدوِّنا وعدوِّكم ، فإنَّكم ركبتم عظيماً من الأمر ، تشهدون علينا بالشرك ، والشرك ظلمٌ عظيم ، تسفكون دماء المسلمين ، وتعدّونهم مشركين.
فقال له عبد الله بن شجرة السلَمي : إنَّ الحقَّ قد أضاء لنا ؛ فلسنا متابعيكم أو تأتونا بمثل عمر. فقال قيس : ما نعلمه فينا غير صاحبنا فهل تعلمونه فيكم؟. قالوا : لا. قال : نشدتكم الله في أنفسكم أن تهلكوها ، فإنّي لا أرى الفتنة إلاّ وقد غلبتْ عليكم (٣)
أمّا موقفه بعد العهدين فكان مع الإمام السبط المجتبى ـ سلام الله عليه ـ ، ولمّا وجّه عسكره إلى قتال أهل الشام دعا عليهالسلام عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب ، فقال له :
«يا ابن عمّ إنّي باعث إليك اثني عشر ألفاً من فرسان العرب وقرّاء مضر ،
__________________
(١) وإلى هنا رواه ابن قتيبة أيضاً في الإمامة والسياسة : ١ / ٩٤ [١ / ٩٧ ـ ٩٨]. (المؤلف)
(٢) إلى هنا تنتهي رواية نصر بن مزاحم في كتاب صفّين [ص ٤٤٩]. (المؤلف)
(٣) تاريخ الطبري : ٦ / ٤٧ [٥ / ٨٣ حوادث سنة ٣٧ ه] ، كامل ابن الأثير : ٣ / ١٣٧ [٢ / ٤٠٤ حوادث سنة ٣٧ ه]. (المؤلف)